تقرير عالمي: التوترات الجيوسياسية تضع التعاون الدولي امام تحديات غير مسبوقة

جنيف – 7 – 1 (كونا) -- قال تقرير مقياس التعاون العالمي (بارومتر التعاون العالمي لسنة 2025) اليوم الثلاثاء إن التعاون الدولي يواجه تحديات غير مسبوقة بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية والأزمات الأمنية على الرغم من وجود بوادر إيجابية في مجالات التمويل المناخي والصحة والابتكار.
وأوضح التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع شركة (ماكينزي) للاستشارات أن التعاون العالمي "توقف" في الفترة الأخيرة بعد أن شهد تحسنا ملحوظا خلال العقد الماضي وذلك نتيجة ارتفاع مستويات التوترات الجيوسياسية والنزاعات لاسيما في الشرق الأوسط وأوكرانيا والسودان.
وارجع التقرير انخفاض التعاون الدولي الى تراجع الركيزة المتعلقة بالسلام والأمن في البارومتر نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية الى مستويات قياسية خاصة في السنوات السبع الأخيرة واحتدام المنافسة التي أضعفت بشكل كبير الأمن الجماعي العالمي.
وذكر ان التعاون الدولي في مجال الابتكار والتكنولوجيا شهد تقدما في عام 2023 على الرغم التنافس الكبير حول بعض التكنولوجيا المتقدمة مثل (رقائق اشباه الموصلات) حيث ساعدت رقمنة الاقتصاد العالمي وتطور الاقتصاد الرقمي في دفع عجلة التقدم التكنولوجي وتزايد الاستثمارات في تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي.
واضاف ان النمو السريع للتقنيات الحديثة ساهم في إعادة تشكيل المشهد العالمي وفتح الباب أمام منافسة جيوستراتيجية جديدة تصل إلى حد "سباق تسلح بالذكاء الاصطناعي" مشددا على ان التعاون بين قيادات الدول وتبني استراتيجيات شاملة اصبح أمرا اساسيا للاستفادة من إمكانات هذه التقنيات والتعامل مع المخاطر التي تنجم عنها.
وأوضح التقرير تحسن التعاون العالمي في مجالات تغير المناخ والابتكارات البيئية خلال العام الماضي خاصة الاستثمارات في تقنيات منخفضة الكربون مثل الطاقة الشمسية والرياح والسيارات الكهربائية منبها في المقابل بضرورة زيادة التمويل العالمي لتحقيق الأهداف الحياد الكربوني وتحقيق الأهداف المناخية بحلول 2030 خاصة في ظل تواصل ارتفاع الانبعاثات العالمية.
وسجل التقرير تحسن بعض مؤشرات الصحة بما في ذلك توسط العمر بعد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) مقابل تباطؤ تقدم التعاون العالمي مقارنة بسنة 2020 خاصة الأبحاث في مجال الأدوية والمساعدات الدولية والتعاون التجاري في المجال الصحي وبين المنظمات الدولية.
ولاحظ استقرار المؤشرات المتعلقة بوفيات الأطفال والأمهات بشكل إيجابي مقابل زيادة المخاطر الصحية المرتبطة بالشيخوخة السكانية والأوبئة المستقبلية حاثا في هذا السياق قادة الدول على تعزيز التعاون الدولي لضمان أنظمة صحية مستدامة وتحقيق رفاهية عالمية.
وفيما يتعلق بالتجارة وتدفقات رأس المال اشار التقرير إلى تباين نتائج تدفقات السلع والخدمات في عام 2023 حيث شهدت تجارة السلع انخفاضا بنسبة 5 بالمئة بسبب تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى مثل الصين بينما استمر الانقسام العالمي في تقليص التجارة بين الكتل الاقتصادية الغربية والشرقية.
واوضح ان التدفقات العالمية في مجالات الخدمات ورأس المال والأشخاص تشهد مرونة كبيرة رغم التباطئ فضلا عن تزايد الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل ملحوظ في القطاعات الاستراتيجية مثل القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والطاقة الخضراء.
ومن جانبه قال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي والمدير التنفيذي بورغ بريندي ان نتائج البارومتر تؤكد ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمعالجة التحديات الاقتصادية والبيئية والتكنولوجية خاصة ضمن السياق المضطرب الذي يشهده العالم.
واستند التقرير على 41 مؤشرا لتقييم التعاون العالمي مقسمة على خمس ركائز رئيسية أولها التجارة ورأس المال ثم الابتكار والتكنولوجيا ثم المناخ ورأس المال الطبيعي ثم الصحة والرفاهية واخيرا السلام والأمن.
واعتمد على بيانات جديدة لتقديم صورة محدثة عن المشهد العالمي للتعاون مع التركيز بشكل خاص على تأثير التكنولوجيا الحديثة وأن التعاون العالمي لايزال قائما في مجالات متعددة رغم التحديات ما يفتح الباب أمام الحلول المستدامة.
ووضع المنتدى الاقتصادي العالمي التعاون الدولي على راس أولوياته في الاجتماع السنوي القادم في مدينة (دافوس) السويسرية المقرر عقده من 20 إلى 24 يناير 2025 تحت شعار "التعاون من أجل العصر الذكي" والذي يركز على خمسة مجالات رئيسية وهي إعادة تصور النمو والصناعات في عصر الذكاء الاصطناعي والاستثمار في الراس المال البشري حماية الأرض فضلا عن وإعادة بناء الثقة. (النهاية) أ م خ / م ع ح ع